سورة الفلق

أسباب النزول

قيل في سبب نزول سورة الفلق إن لُبيد بن الأعصم سحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فنزلت هذه السورة؛ ليتعوذ الرسول بالله -تعالى- من شر ذلك السحر، وقيل أيضًا إن قريشاّ قد ندبوا واختاروا من بينهم من كان مشهورًا بإصابته النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بعينه، فأنزل الله -تعالى- المعوذتين ليتعوذ الرسول بهما من شر ذلك.
سبب تسمية سورة الفلق بهذا الاسم
سميت سورة الفلق بهذا الاسم لابتدائها بقول الله - سبحانه وتعالى: «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ»، ويُقصد بالفلق الصبح؛ وذلك لأن الليل يتفلق عنه، وتناولت سورة الفلق في ثناياها الالتجاء إلى الله - سبحانه وتعالى-، والتحصن بقدرته من شر المخلوقات، ومن شر الظلام إذا انتشر، ومن شر النساء الساحرات، ومن شر أهل الفتن، ومن شر أهل الغيبة والنميمة، ومن شر الحسود

للمزيد
قران
الفلق

التفسير

قال الله تعالى: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]. أي: قل - أيها الرسول -: أعتصم بربِّ الصبح، وألجأ وألوذ وأستجير به من شرِّ ما خلَقَ من الخلْق، فهو سبحانه وتعالى فالق الحبِّ والنوى، وفالق الإصباح. ولقد اختلف أهل التأويل في معنى ﴿الفلق﴾ على قولين: الأول: هو سجن في جهنم يسمى هذا الاسم. الثاني: الفلق هو الصبح. وورد ذكر المعنى الأول عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وعن السدي، فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ﴿الفلق﴾: سجن في جهنم. وقال السدي: ﴿الفَلَق﴾: جُب في جهنم. وورد ذكر المعنى الثاني عن ابن عباس وعن الحسن، وسعيد بن جبير، رضي الله تعالى عنهم. فعن ابن عباس: ﴿أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ قال: ﴿الفلق﴾: الصبح. وعن الحسن، في هذه الآية ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ قال: ﴿الفلق﴾: الصبح. وعن سعيد بن جُبير، قال: ﴿الفلق﴾: الصبح. وقوله تعالى: ﴿ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾ [الفلق: 2]: أي: من شرِّ جميع ما خلق الله جل وعلا، من المخلوقات من إنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها سبحانه وتعالى، من الشرِّ والأذى الذي فيها. وقوله تعالى: ﴿ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴾ [الفلق: 3]: أي: من شر ما يكون ويظهر في الليل شديد الظلمة إذا دخل وتغلغل، حين يغشى الناسَ، وتنتشر فيه كثير من الشرور والمؤذيات، مثل: الأرواح الشريرة، والدوابِّ المؤذية والحيوانات، وهذا من باب ذكر الخاص بعد العام. وقوله تعالى: ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾ [الفلق: 4]: أي: ومن شر الساحرات اللاتي ينفخن فيما يعقدن من عُقَد بقصد السِّحر، ومن شر السواحر، اللاتي يستعنَّ على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر، والعياذ بالله تعالى. وقوله تعالى: ﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 5]: أي: وأعتصم به سبحانه وتعالى من شرِّ كلِّ حاسد مبغض للناس إذا حسدهم على ما وهبهم الله تعالى من نِعَم، يريد زوالها عنهم وإيقاع الأذى بهم - والعياذ بالله تعالى -، والحاسد هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله جل وعلا من شره، وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العائنُ؛ لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، فهذه السورة تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا، ودلَّت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، ويستعاذ بالله تعالى منه ومن أهله، نسأل الله جل وعلا السلامة والعفو والعافية.

للمزيد